كيف تغير الخطاب الإعلامي العربي في "طوفان الأقصى"

جانب من أحداث غزة
جانب من أحداث غزة

اختلف الخطاب الإعلامي العربي مؤخرا إلى حد كبير ليقترب من المسار الذي يجب أن يكون عليه، الحاجة الماسة لكشف النقاب عن المجازر الإسرائيلية في فلسطين كان الدافع الرئيسي للتسابق على مخاطبة الآخر باللغة التي تناسبه، فالعالم يتابع منذ سنوات هذا الصراع من وجهة نظر المحتل فقط والذي يتغذى على التضليل، في حين يخاطب إعلامنا العربي دول الجوار التي تتحدث نفس اللغة، تاركا الساحة مرتعا للتشويش والتزوير.

لعل أبرز تلك اللقاءات حتى اليوم كان مع الإعلامي باسم يوسف في مداخلة تليفزيونية مع المذيع بيرس مورجان، حول المعاملة التاريخية لفلسطين خلال صراعهم مع إسرائيل، عرض باسم عددا من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من العدوان الإسرائيلي، اتبع باسم أسلوبا ساخرا كعادته في إدارة النقاش ووضع نفسه في مكان المواطن الإسرائيلي تارة والأمريكي تارة أخرى، موجها العديد من الأسئلة الهامة التي تكشف الحقائق أمام الآخر ربما للمرة الأولى، وهو ما برز جليا من تعليقات الكثيرين عقب نشر مقاطع من اللقاء عبر موقع اليوتيوب.

فقد تحدث باسم عن عائلة زوجته الفلسطينية التي تعيش في غزة وقصف منزلهم حتى أنه لا يستطيع التواصل معهم، مضيفا انه اعتاد على ذلك معهم بسبب تعرضهم الدائم للقصف، وأن إسرائيل تسعى دوما لقتلهم وهم لا يقتلون، وانها تستخدم الأطفال كدروع بشرية، فالعلاقة مع إسرائيل مثل علاقة مع سيدة نرجسية تأذي بوحشية ثم تبكي وتصوت وتلومك، أما عن فكرة التهجير فقال باسم يوسف: إعلامكم يقول أن نهجر الفلسطينين إلى سيناء لأنهم قليلون حتى نعيد بناء غزة من جديد، ويغمز بعينيه مستخدما كلمة مصرية دارجة للتعبير عن التهكم من هذا النهج.

كما حرص وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في بيانه أمس عقب مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني أن يحكي تجربته في إنقاذ المصابين باللغتين العربية والإنجليزية لفضح السفاحين أمام العالم ووضعهم أمام حقائق يجهلها الكثيرون، واختار أن يخرج البيان وسط جثث الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وفضح الكيان الصهيوني الذي أنكر مؤخرا صلته بالحادث الذي أصاب الألاف وأزهق أرواح مالا يقل عن 500 شهيد، بأن كافة المستشفيات تلقت إنذارا بضرورة الإخلاء ورفضت الأطقم الطبية التنصل من المسئولية، وأكد أنهم لن يتركوا أماكنهم أو يتخلوا عن واجبهم مهما تصاعدت الأحداث.

وتعاملت القنوات الفضائية العربية مع الأزمة بشكل احترافي مسخرين مراسليهم لنقل الحقائق من قلب الحدث، فتنافست كل منها لمتابعة المستجدات ونقل الحراك العالمي تجاه الأزمة ودعما للشعب الفلسطيني وليس العربي فقط، كذلك المواقع الخبرية ظهرت أكثر تنافسا لسرعة البث لتصبح مصدرا للفضائيات في أحيان كثيرة، وتحرك مؤشر جوجل تجاه كل ما هو عربي خلال الأزمة باحثين عن الحقائق التي لا يرونها على قنواتهم المحلية.

وتصدر عدد من الإعلاميين المصريين منابر وسائل التواصل الاجتماعي منددين بالوحشية التي يتعامل بها الكيان الصهيوني مع الأبرياء، وتصدير أسبابه للآخر على أنهم إرهابيين يجب القضاء عليهم، مستخدمين في تنديدهم اللغة الإنجليزية مع العربية في أغلب الأحيان، وتابع كل منهم مراحل الأزمة مستعينا بصور من القلب الحدث، وبرزت الهاشتاجات التي تطالب بمحاكمة إسرائيل وإقالة نتنياهو باللغة الإنجليزية، وهو ما ساهم في نشرها على صفحات الكثير من مواطني دول العالم.

ترشيحاتنا